responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 30  صفحه : 635
بِالسَّيْفِ، وَهُوَ أَشَدُّ عَلَى الْمَعْمُولِ بِهِ ذَلِكَ الْعَمَلُ لِنَظَرِهِ إِلَى السَّيْفِ أَخَذَ بِيَمِينِهِ، وَمَعْنَاهُ: لَأَخَذْنَا بِيَمِينِهِ، كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ: لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ لَقَطَعْنَا وَتِينَهُ وَهَذَا تَفْسِيرٌ بَيِّنٌ وَهُوَ مَنْقُولٌ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْيَمِينَ بِمَعْنَى الْقُوَّةِ وَالْقُدْرَةِ وَهُوَ قَوْلُ الْفَرَّاءِ وَالْمُبَرِّدِ وَالزَّجَّاجِ، وَأَنْشَدُوا قَوْلَ الشَّمَّاخِ:
إِذَا مَا رَايَةٌ رُفِعَتْ لِمَجْدٍ ... تَلَقَّاهَا عَرَابَةُ بِالْيَمِينِ
وَالْمَعْنَى لَأَخَذَ مِنْهُ الْيَمِينَ، أَيْ سَلَبْنَا عَنْهُ الْقُوَّةَ، وَالْبَاءُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ صِلَةٌ زَائِدَةٌ، قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: وَإِنَّمَا قَامَ الْيَمِينُ مَقَامَ الْقُوَّةِ، لِأَنَّ قُوَّةَ كُلِّ شَيْءٍ فِي مَيَامِنِهِ وَالْقَوْلُ الثالث: قال مقاتل: لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ يَعْنِي انْتَقَمْنَا مِنْهُ بِالْحَقِّ، وَالْيَمِينُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ بِمَعْنَى الْحَقِّ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ [الصَّافَّاتِ: 28] أَيْ مِنْ قِبَلِ الْحَقِّ.
اعْلَمْ أَنَّ حَاصِلَ هَذِهِ الْوُجُوهِ أَنَّهُ لَوْ نَسَبَ إِلَيْنَا قَوْلًا لَمْ نَقُلْهُ لَمَنَعْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ إِمَّا بِوَاسِطَةِ إِقَامَةِ الْحُجَّةِ فَإِنَّا كُنَّا نُقَيِّضُ لَهُ مَنْ يُعَارِضُهُ فِيهِ، وَحِينَئِذٍ يَظْهَرُ لِلنَّاسِ كَذِبُهُ فِيهِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ إِبْطَالًا لِدَعْوَاهُ وَهَدْمًا لِكَلَامِهِ، وَإِمَّا بِأَنْ نَسْلُبَ عِنْدَهُ الْقُدْرَةَ عَلَى التَّكَلُّمِ بِذَلِكَ الْقَوْلِ، وَهَذَا هُوَ الْوَاجِبُ فِي حِكْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى لِئَلَّا يَشْتَبِهَ الصَّادِقُ بِالْكَاذِبِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الْوَتِينُ هُوَ الْعِرْقُ الْمُتَّصِلُ مِنَ الْقَلْبِ بِالرَّأْسِ الَّذِي إِذَا قُطِعَ مَاتَ الْحَيَوَانُ قَالَ أَبُو زَيْدٍ:
وَجَمْعُهُ الْوُتْنُ وَ [يُقَالُ] ثَلَاثَةُ أَوْتِنَةٌ وَالْمَوْتُونُ الَّذِي قُطِعَ وَتِينُهُ، قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: وَلَمْ يُرِدْ أَنَّا نَقْطَعُهُ بِعَيْنِهِ بَلِ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَوْ كَذَبَ لَأَمْتَنَاهُ، فَكَانَ كَمَنْ قُطِعَ وَتِينُهُ، وَنَظِيرُهُ
قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «مَا زَالَتْ أَكْلَةُ خَيْبَرَ تُعَاوِدُنِي فهذا أو ان انْقِطَاعِ أَبْهَرِي»
وَالْأَبْهَرُ عِرْقٌ يَتَّصِلُ بِالْقَلْبِ، فَإِذَا انْقَطَعَ مَاتَ صَاحِبُهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ: هَذَا أَوْ أَنْ يَقْتُلَنِي السُّمُّ وَحِينَئِذٍ صِرْتُ كَمَنِ انْقَطَعَ أبهره. ثم قال:

[سورة الحاقة (69) : آية 47]
فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ (47)
قَالَ مُقَاتِلٌ وَالْكَلْبِيُّ مَعْنَاهُ لَيْسَ مِنْكُمْ أَحَدٌ يَحْجُزُنَا عَنْ ذَلِكَ الْفِعْلِ، قَالَ الْفَرَّاءُ وَالزَّجَّاجُ: إِنَّمَا قَالَ حَاجِزِينَ فِي صِفَةِ أَحَدٍ لِأَنَّ أَحَدًا هُنَا فِي مَعْنَى الْجَمْعِ، لِأَنَّهُ اسْمٌ يَقَعُ فِي النَّفْيِ الْعَامِّ مُسْتَوِيًا فِيهِ الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ وَالْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ، وَمِنْهُ قَوْلِهِ تَعَالَى: لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ [الْبَقَرَةِ: 285] وَقَوْلُهُ: لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ [الْأَحْزَابِ: 32] وَاعْلَمْ أَنَّ الْخِطَابَ فِي قَوْلِهِ: فَما مِنْكُمْ لِلنَّاسِ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ أَنَّ الْقُرْآنَ تَنْزِيلٌ مِنَ اللَّهِ الْحَقِّ بِوَاسِطَةِ جِبْرِيلَ عَلَى مُحَمَّدٍ الَّذِي مِنْ صِفَتِهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَاعِرٍ وَلَا كَاهِنٍ، بَيَّنَ بَعْدِ ذَلِكَ أَنَّ الْقُرْآنَ مَا هُوَ؟ فقال:

[سورة الحاقة (69) : آية 48]
وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (48)
وَقَدْ بَيَّنَّا فِي أَوَّلِ سورة البقرة [2] في قوله: هُدىً لِلْمُتَّقِينَ ما فيه من البحث. ثم قال:

[سورة الحاقة (69) : آية 49]
وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ (49)
لَهُ بِسَبَبِ حُبِّ الدُّنْيَا، فَكَأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: أَمَّا مَنِ اتَّقَى حُبَّ الدُّنْيَا فَهُوَ يَتَذَكَّرُ بِهَذَا الْقُرْآنِ وَيَنْتَفِعُ. وَأَمَّا مَنْ مَالَ إِلَيْهَا فَإِنَّهُ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْقُرْآنِ وَلَا يَقْرَبُهُ.

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 30  صفحه : 635
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست